غموض مصير بريطانيا يواصل إرباك أسواق المال

0





تختصر عودة الجنية الإسترليني للانحدار إلى أدنى مستوياته منذ 31 عاما، حجم الخسائر التي تكبدها الاقتصاد البريطاني منذ صدمة نتائج الاستفتاء، والتي تضاعف الخسائر التي تكبدتها أسواق الأسهم وخاصة أسهم قطاع البنوك.

تحركات العملات ترسم خارطة جديدة
لندن – البديهية الأولى في أسواق المال العالمية أنها تكره الغموض وعدم اليقين، وهو ما يفسر استمرار الابتعاد عن الجنيه الإسترليني وأسواق الأسهم البريطانية والأوروبية والعالمية. ويمثل انحدار الإسترليني إلى أدنى مستوياته منذ عام 1985 حجم الخسائر التي لا يكشفها تراجع أسواق الأسهم المقيمة بالإسترليني، أي أنها فقدت أكثر من 12 بالمئة من تراجع العملة البريطانية إضافة إلى خسائرها المباشرة.
وفقد مؤشر فوتسي 250 الأكثر تعبيرا عن الاقتصاد البريطاني، أكثر من 6 بالمئة من قيمته أمس لترتفع خسائره إلى نحو 14 بالمئة من إعلان نتائج الاستفتاء صباح الجمعة. وإذا أضفنا خسائرها غير المباشرة من تراجع الإسترليني تكون قد فقدت أكثر من 25 بالمئة من قيمتها خلال يومين فقط. وتفصح الخسائر الكبيرة التي تكبدتها أسهم المصارف عن حجم المخاوف وخاصة على مستقبل حي المال في لندن الذي يساهم بنسبة كبيرة من الناتج المحلي البريطاني.
وفقدت معظم البنوك البريطانية الكبرى نحو 30 بالمئة من قيمتها، إضافة إلى الخسائر غير المباشرة من تراجع سعر صرف الجنيه الإسترليني. ويخشى سكان لندن من موت حي المال، بعد أن رجحت تقديرات فقدان ما يصل إلى 100 ألف وظيفة، والانعكاسات الخطيرة على نشاط وازدهار العاصمة البريطانية.
سايمون ووكر: غالبية المؤسسات البريطانية جمدت الاستثمار والتوظيف بسبب نتائج الاستفتاء ويرى جون سريان رئيس مجلس إدارة مصرف دويتشه بنك الألماني، أن المكانة المالية للندن سوف تفقد أهميتها بعد تصويت البريطانيين على خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي.
وقال الاقتصادي البريطاني البارز لصحيفة “هاندلسبلات” الألمانية في عددها الصادر أمس “إن المكانة المالية للندن لن تموت، ولكنها سوف تضعف”.
وتحتاج البنوك لفروع مستقلة من الناحية القانونية ذات مقر في دولة في الاتحاد الأوروبي من أجل تسيير خدماتها داخل الاتحاد، لذا يمكن أن تقوم المؤسسات المالية بسحب موظفين من لندن.
ووفقا لتقدير الكثير من الخبراء تمتلك مدينة فرانكفورت الألمانية بطاقات رابحة لتكون بديلا للندن.
وقال إنه يتوقع أن تستمر المفاوضات بشأن العلاقة المستقبلية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي لمدة عامين على الأقل وأن “تظل بريطانيا عضوا بالاتحاد الأوروبي بجميع الحقوق والواجبات القائمة في تلك الفترة الانتقالية”. وبدأ الكثير من قادة الدول الأوروبية، مثل فرنسا وإيطاليا وهولندا بالضغط لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فورا. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تزايد خسائر الاقتصاد البريطاني، ما يمنع اتساع مطالب إجراء استفتاءات مماثلة في بلدانهم.
ويحاول رئيس الوزراء البريطاني المستقيل ديفيد كاميرون تأجيل تقديم طلب الخروج، لحين انتخاب زعيم جديد لحزب المحافظين من معسكر الخروج ليتولى رئاسة الوزراء خلفا له ومسؤولية المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي.
ويرى محللون أن لندن تحاول شراء الوقت لكي تبلور طريقا للتعامل مع نتائج الاستفتاء خاصة بعد تصاعد النداءات، أمس داخل البرلمان البريطاني بأن يقرر البرلمان مصير الاستفتاء ليفتح الأبواب أمام احتمال التراجع عن نتائج الاستفتاء. وفي هذه الأثناء واصلت أسعار الأسهم العالمية تراجعها وفقدت مؤشرات الأسهم الأوروبية في المعدل نحو 2 بالمئة من قيمتها، في وقت تراجعت فيه أسعار النفط وواصلت أسعار الذهب ارتفاعها كملاذ آمن للمستثمرين الهاربين من حالة الغموض.
كارولين فيربرن: على الحكومة التدخل للحد من الغموض الذي يعرقل قرارات الاستثمار والوظائف وتزايدت المخاوف على مستقبل الاقتصاد البريطاني، حين أظهر استطلاع نشرت نتائجه أمس أن 20 بالمئة من الشركات البريطانية تعتزم نقل قسم من نشاطها إلى أوروبا، وأن الثلثين تقريبا يعتبرون أن خيار الخروج من الاتحاد الأوروبي مضر بأعمالهم.
وشمل الاستطلاع الذي أجراه معهد المدراء، وهو اتحاد بريطاني لرؤساء الشركات منذ الأحد الماضي أكثر من ألف شخص من المنتسبين إليه. وأظهر الاستطلاع أن 64 بالمئة من أرباب العمل يرون أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “سينعكس سلبا على نشاطاتهم”.
وعلق المدير العام لمعهد المدراء سايمون ووكر أن “غالبية المؤسسات تعتقد أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيضر باعمالها ولذلك تم تجميد مشاريع الاستثمار والتوظيف أو الحد من نطاقها”.
وشددت المديرة العامة لكنفيدرالية الصناعات البريطانية التي تعتبر أكبر هيئة لأرباب العمل البريطانيين، في مقال نشرته صحيفة “تايمز”، على ضرورة “عدم التقليل من أهمية” تبعات نتيجة الاستفتاء.
وقالت كارولين فيربرن “على الحكومة التدخل بشكل عاجل للحد من الغموض الذي يلقي بظله على قرارات الاستثمار ويحد من إنشاء وظائف جديدة”. وكانت غرف التجارة في البلاد وجهت نداء مماثلا من أجل إزالة الغموض السائد حول شروط الخروج من الاتحاد الأوروبي.


جميع الحقوق محفوظه © شبكة مِجْهَار

تصميم الورشه